قراصنة جزائريون يخترقون موقع وزارة الشغل المغربية

قراصنة جزائريون يعطلون موقع وزارة الشغل المغربية في هجوم سيبراني يثير الجدل

في صباح يوم الثلاثاء 8 أبريل 2025، تعرض الموقع الرسمي لوزارة الشغل والإدماج المهني المغربية لهجوم إلكتروني واسع النطاق تبنته مجموعة قراصنة جزائرية تُعرف باسم "جبروت". أدى الهجوم إلى تعطيل الخدمات الرقمية للموقع بشكل مؤقت، مما منع المستخدمين من الوصول إلى خدمات الوزارة الأساسية، وسط مخاوف متزايدة من تسريب بيانات حساسة تخص المواطنين والشركات. يأتي هذا الحادث في ظل تصاعد التوترات السيبرانية بين المغرب والجزائر، مما يثير تساؤلات حول جاهزية المؤسسات الحكومية لمواجهة التهديدات الرقمية.

بدأت الأزمة في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، عندما لاحظ المستخدمون انقطاع الاتصال بالموقع الرسمي للوزارة (miepeec.gov.ma)، وهو البوابة الرئيسية لتقديم خدمات التوظيف والتكوين المهني. وبحسب مصادر تقنية، تم تصنيف الهجوم على أنه "هجوم موزع لحجب الخدمة" (DDoS)، وهو نوع من الهجمات السيبرانية التي تعتمد على إغراق خوادم الموقع بتدفق هائل من الطلبات المزيفة، مما يؤدي إلى انهيار قدرتها على الاستجابة للمستخدمين الحقيقيين. ونتيجة لذلك، توقف الموقع عن العمل بشكل كامل، تاركًا آلاف المواطنين والشركات دون إمكانية الوصول إلى خدمات مثل تسجيل العقود، الاطلاع على الإحصائيات المهنية، أو تقديم طلبات التكوين.

قراصنة جزائريون يخترقون موقع وزارة الشغل المغربية

في تطور لافت، أعلنت مجموعة "جبروت" الجزائرية مسؤوليتها عن الهجوم عبر قنواتها على تطبيق "تلغرام"، وهي مجموعة اشتهرت في السنوات الأخيرة باستهداف مواقع حكومية وخاصة في دول متعددة، مع تركيز خاص على المغرب. ولم تكتفِ المجموعة بتعطيل الموقع، بل زعمت أنها نجحت في اختراق قاعدة بيانات الوزارة، واستخراج ملايين السجلات التي تشمل أسماء الموظفين، رواتبهم، بيانات الشركات المسجلة، وحتى معلومات شخصية للمستفيدين من برامج الدعم المهني. ورغم هذه الادعاءات، لم تُظهر المجموعة حتى الآن أي دليل ملموس يثبت صحة ما قالت، مما يترك الأمر معلقًا بانتظار تأكيد رسمي من السلطات المغربية.

تأثير الهجوم لم يقتصر على تعطيل الخدمات، بل أثار حالة من الارتباك بين المستخدمين، حيث أفادت تقارير أولية بأن العديد من أصحاب المشاريع الصغيرة والشباب الباحثين عن عمل واجهوا صعوبات في إتمام معاملاتهم اليومية. وفيما يواصل فريق الدعم التقني بالوزارة جهوده لاستعادة الخدمة، أكدت مصادر مطلعة أن الأولوية تتركز حاليًا على ضمان أمان البيانات المخزنة على الخوادم، وسط مخاوف من أن يكون الهجوم قد فتح الباب أمام اختراقات أعمق قد تكون لم تُكتشف بعد.

حتى الساعة 7:00 مساءً بتوقيت المغرب يوم 8 أبريل 2025، لم تصدر وزارة الشغل والإدماج المهني أي بيان رسمي يوضح ملابسات الحادث أو يحدد حجم الأضرار الناتجة عنه. ومع ذلك، أشارت مصادر داخلية إلى أن فرق الدعم التقني تعمل على مدار الساعة لإعادة تشغيل الموقع، مع إجراء فحوصات أمنية شاملة للتأكد من عدم وجود برمجيات خبيثة أو أبواب خلفية تُركت من قبل القراصنة. وفي ظل غياب التوضيحات الرسمية، دعا عدد من النواب البرلمانيين إلى عقد جلسة طارئة لمناقشة الحادث واستجواب المسؤولين عن الأمن السيبراني في الحكومة.

من جانبهم، حذر خبراء الأمن السيبراني من أن هذا الهجوم يكشف عن ثغرات خطيرة في البنية التحتية الرقمية للمؤسسات الحكومية المغربية. وقال أحد الخبراء، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، إن "غياب أنظمة حماية متقدمة ضد هجمات DDoS جعل الموقع هدفًا سهلاً، وهو ما يستدعي مراجعة شاملة لاستراتيجيات الأمن الرقمي". كما أشار إلى أن تكرار مثل هذه الحوادث قد يعرض سمعة المغرب كوجهة للاستثمار الرقمي للخطر، خاصة مع التركيز الحكومي على التحول الرقمي في السنوات الأخيرة.

تفاعل المغاربة بقوة مع الحادث، حيث عبر البعض عن قلقهم من تسريب بياناتهم الشخصية، فيما اتهم آخرون الجزائر بمحاولة زعزعة استقرار المؤسسات المغربية. وكتب أحد المستخدمين: "هذا ليس مجرد هجوم إلكتروني، بل جزء من حرب مستمرة تستهدف كل ما هو مغربي". بينما دعا آخرون إلى رد فعل قوي من الحكومة، سواء عبر تعزيز الحماية أو من خلال هجمات مضادة على مواقع جزائرية.

يأتي هجوم "جبروت" في سياق التوترات المتصاعدة بين المغرب والجزائر، والتي تفاقمت منذ قطع العلاقات الدبلوماسية في أغسطس 2021 بسبب خلافات حول قضية الصحراء الغربية والتطبيع المغربي مع إسرائيل. وخلال السنوات الأخيرة، تحولت هذه التوترات إلى حرب سيبرانية مفتوحة بين قراصنة من البلدين، حيث شهدت الأشهر الماضية هجمات متبادلة استهدفت مواقع حكومية وإعلامية. ومن أبرز تلك الحوادث، تعليق حساب وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية على منصة X في 7 أبريل 2025، وهو ما أُرجع إلى قراصنة مغاربة، مما قد يكون الدافع المباشر وراء هجوم "جبروت".

وأضافت المجموعة الجزائرية بُعدًا سياسيًا واضحًا لعمليتها، حيث نشرت صورة لخريطة العالم بدون المغرب، مرفقة بتعليق يقول: "ردًا على استفزازات الذباب المخزني". هذه الرسالة، التي تحمل طابعًا استفزازيًا، تعكس العداء العميق الذي يغذي هذه الهجمات، وتشير إلى أنها ليست مجرد عملية تقنية، بل جزء من صراع أوسع يتجاوز الحدود الرقمية إلى السياسية والإيديولوجية.

إذا تأكدت ادعاءات "جبروت" بتسريب بيانات الوزارة، فقد تواجه الحكومة المغربية تحديات قانونية وأخلاقية كبيرة تتعلق بحماية المعطيات الشخصية، وفقًا للقانون 09-08 الذي ينظم هذا المجال. كما أن الحادث يضع الأمن القومي تحت المجهر، حيث يكشف عن الحاجة الملحة لتطوير بنية تحتية سيبرانية قادرة على صد التهديدات المتطورة، خاصة في ظل تسارع وتيرة الرقمنة في القطاعات الحكومية. وعلى الصعيد السياسي، قد يؤدي الهجوم إلى تصعيد الحرب الإلكترونية بين المغرب والجزائر، مع احتمال ظهور هجمات انتقامية من قراصنة مغاربة تستهدف مؤسسات جزائرية، مما يعقد أي أمل في تهدئة التوترات الثنائية في المستقبل القريب.

يُعد الهجوم الإلكتروني على موقع وزارة الشغل والإدماج المهني المغربية حلقة جديدة في سلسلة التهديدات السيبرانية التي تكشف هشاشة الأمن الرقمي في مواجهة الصراعات الإقليمية. وبينما ينتظر المواطنون والمراقبون بيانًا رسميًا من الوزارة لفهم حجم الأضرار والإجراءات المتخذة، يبرز الحادث كتحذير واضح من ضرورة تعزيز الحماية الرقمية للمؤسسات الحكومية. في عالم يزداد اعتمادًا على التكنولوجيا، يبدو أن الأمن السيبراني لم يعد خيارًا، بل ضرورة حتمية لضمان استقرار الخدمات وحماية بيانات المواطنين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق